بقلم : أ.د.صلاح سلطان
في مصر خيرات جسام، استأثر بها اللئام، وحُرِم منها الكرام؛ فيها من كنوز الأرض وخيرات السماء ما يكفي لإطعام العالم ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ (البقرة: من الآية 61)، فيها من عطاء الله الوفير؛ من النيل العظيم، والأرض الخصبة، والخبرة النادرة، والحِرَف الماهرة، والصناعات الثقيلة والخفيفة والعقارات والاستثمارات المربحة، والبحار الرائعة، والآثار النادرة، ولكن استُولي عليها بالتزوير والاحتيال؛ من عصابة السوء؛ الذين جمعوا بين الاستبداد السياسي والفساد المالي ما طفح به الكيل، وفاض عن الحدِّ، بما يوجب الإعلان عن العصيان المدني السلمي؛ حتى تنهار عصبة السلب والنهب والمحاكمات الظالمة والأيادي العابثة؛ لأنهم هم الذين سدُّوا كلَّ الأبواب أمام الإصلاح السلمي في فجور نادر في تزوير إرادة الأمة، وتذويب كل آمال الإصلاح الديمقراطي.
ولا ينبغي لأحد أن يلوم شعبًا اشتدَّت عليه المسغبة، وأصابته سنون عجاف؛ أذابت الشحم، وأكلت اللحم، ونقَّت العظم، وأمرضت الجسم بالدماء الملوَّثة وتجارب الأدوية بعد نجاحها على الفئران، والأطعمة الفاسدة والمسرطنة، والمخدرات الفتاكة، و..
وهذه توجب على كلِّ حرٍّ أن ينتفض وأن يقول لهذا الظلم المركَّب: "لا" ولو بالمكث في بيته، رغم التهديد العلني الذي يسلب الإنسان حقَّه في التأوُّهِ إذا عضَّه الألم، والصراخِ إذا أنهشه الجوع، والصياحِ إذا سُلِبَت إنسانيته وحريته وكرامته.
وهنا أختصر المقال بأبيات لأمير الشعراء أحمد شوقي يشاطرنا الصراخ من وراء جدران قبره؛ فيقول لأهل مصر:
شَبابَ النيلِ إِنَّ لَكُم لَصَوتًا ملبَّى حينَ يُرفَعُ مُستَجابا
فَهُزّوا العَرشَ بِالدَعَواتِ حَتّى يُخَفِّفَ عَن كِنانَتِهِ العَذابا
أَمِن حَربِ البَسوسِ إِلى غَلاءٍ يَكادُ يُعيدُها سَبعًا صِعابا
وَهَل في القَومِ يوسُفُ يَتَّقيها وَيُحسِنُ حِسبَةً وَيَرى صَوابا
عِبادَكَ رَبِّ قَد جاعوا بِمِصر أَنيلاً سُقتَ فيهِمُ أَم سَرابا
حَنانَكَ وَاهدِ لِلحُسنى تِجارًا بِها مَلَكوا المَرافِقَ وَالرِقابا
وَرَقِّق لِلفَقيرِ بِها قُلوبًا مُحَجَّرَةً وَأَكبادًا صِلابا
أَمَن أَكَلَ اليَتيمَ لَهُ عِقابٌ وَمَن أَكَلَ الفَقيرَ فَلا عِقابا؟!
وَتَسمَعُ رَحمَةً في كُلِّ نادٍ وَلَستَ تُحِسُّ لِلبِرِّ انتِدابا
أَكُلٌّ في كِتابِ اللهِ إِلا زَكاةَ المالِ لَيسَت فيهِ بابا؟!
إِذا ما الطامِعونَ شَكَوا وضَجّوا فَدَعهُمْ وَاسمَعِ الغَرثى السِغابا
فَما يَبكونُ مِن ثُكلٍ وَلَكِن كَما تَصِفُ المُعَدِّدَةُ المُصابا
وَلَم أَرَ مِثلَ شَوقِ الخَيرِ كَسبًا وَلا كَتِجارَةِ السوءِ اكتِسابا
وَلا كَأُولَئِكَ البُؤَساءِ شاءً إِذا جَوَّعتَها انتَشَرَت ذِئابا
وَلَولا البِرُّ لَم يُبعَث رَسولٌ وَلَم يَحمِل إِلى قَومٍ كِتابا
من حق الشياه، في عرف أمير الشعراء، إذا جاعت أن تكون ذئابًا، ونحن والله آدميون؛ نريد العيش ليس في رخاء وغناء، بل كفاية واستغناء، فافعلوا شيئًا معشر الفقراء يُصيخ آذان الأغنياء لتردَّ بعض حقوق البؤساء؛ فلم يعد ما يُبكَى عليه إذا حُرمنا حريتنا ورغيف خبز يخلو من الذلة والشقاء.
ولا ينبغي لأحد أن يلوم شعبًا اشتدَّت عليه المسغبة، وأصابته سنون عجاف؛ أذابت الشحم، وأكلت اللحم، ونقَّت العظم، وأمرضت الجسم بالدماء الملوَّثة وتجارب الأدوية بعد نجاحها على الفئران، والأطعمة الفاسدة والمسرطنة، والمخدرات الفتاكة، و..
وهذه توجب على كلِّ حرٍّ أن ينتفض وأن يقول لهذا الظلم المركَّب: "لا" ولو بالمكث في بيته، رغم التهديد العلني الذي يسلب الإنسان حقَّه في التأوُّهِ إذا عضَّه الألم، والصراخِ إذا أنهشه الجوع، والصياحِ إذا سُلِبَت إنسانيته وحريته وكرامته.
وهنا أختصر المقال بأبيات لأمير الشعراء أحمد شوقي يشاطرنا الصراخ من وراء جدران قبره؛ فيقول لأهل مصر:
شَبابَ النيلِ إِنَّ لَكُم لَصَوتًا ملبَّى حينَ يُرفَعُ مُستَجابا
فَهُزّوا العَرشَ بِالدَعَواتِ حَتّى يُخَفِّفَ عَن كِنانَتِهِ العَذابا
أَمِن حَربِ البَسوسِ إِلى غَلاءٍ يَكادُ يُعيدُها سَبعًا صِعابا
وَهَل في القَومِ يوسُفُ يَتَّقيها وَيُحسِنُ حِسبَةً وَيَرى صَوابا
عِبادَكَ رَبِّ قَد جاعوا بِمِصر أَنيلاً سُقتَ فيهِمُ أَم سَرابا
حَنانَكَ وَاهدِ لِلحُسنى تِجارًا بِها مَلَكوا المَرافِقَ وَالرِقابا
وَرَقِّق لِلفَقيرِ بِها قُلوبًا مُحَجَّرَةً وَأَكبادًا صِلابا
أَمَن أَكَلَ اليَتيمَ لَهُ عِقابٌ وَمَن أَكَلَ الفَقيرَ فَلا عِقابا؟!
وَتَسمَعُ رَحمَةً في كُلِّ نادٍ وَلَستَ تُحِسُّ لِلبِرِّ انتِدابا
أَكُلٌّ في كِتابِ اللهِ إِلا زَكاةَ المالِ لَيسَت فيهِ بابا؟!
إِذا ما الطامِعونَ شَكَوا وضَجّوا فَدَعهُمْ وَاسمَعِ الغَرثى السِغابا
فَما يَبكونُ مِن ثُكلٍ وَلَكِن كَما تَصِفُ المُعَدِّدَةُ المُصابا
وَلَم أَرَ مِثلَ شَوقِ الخَيرِ كَسبًا وَلا كَتِجارَةِ السوءِ اكتِسابا
وَلا كَأُولَئِكَ البُؤَساءِ شاءً إِذا جَوَّعتَها انتَشَرَت ذِئابا
وَلَولا البِرُّ لَم يُبعَث رَسولٌ وَلَم يَحمِل إِلى قَومٍ كِتابا
من حق الشياه، في عرف أمير الشعراء، إذا جاعت أن تكون ذئابًا، ونحن والله آدميون؛ نريد العيش ليس في رخاء وغناء، بل كفاية واستغناء، فافعلوا شيئًا معشر الفقراء يُصيخ آذان الأغنياء لتردَّ بعض حقوق البؤساء؛ فلم يعد ما يُبكَى عليه إذا حُرمنا حريتنا ورغيف خبز يخلو من الذلة والشقاء.
0 التعليقات:
إرسال تعليق