بقلم : محمد شعير
ينشغل الدعاة العاملون بما يصلح أنفسهم، ويزكِّي قلوبهم، ويوحد كلمتهم، فيلتقون في لقاءات الدعوة والخير لإنشاء جيل صالح يقود الأمم إلى الله تعالى.
ومع كثرة الأعمال والمتطلبات، والنظر في خطة العمل والترتيبات النافعة يحتاج الدعاة إلى وقفة تأمل ، ونسمة روحانية، وإشراقة ربانية، تضفي على العمل خصوبة، وتورث في النفس همة.
وهذا المسلك الحميد، والمنهج التربوي العظيم، كان مؤسسه النبي؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قَلّما كان رسول الله يقوم في مجلس حتى يدعو بهذه الدعوات لأصحابه: "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا". رواه الترمذي.
ما أجمل أن يتأمل الدعاة هذه الدعوات المباركات، فيرفعوا أكفهم في مجلسهم ليحددوا طريقهم، ويتذكروا هدفهم، فيطلبوا المدد والعون من الله سبحانه وتعالى؛ ذلك أنه لن تنجح أي خطوة، ولن تربو أي ّ فكرة إلا بتوفيق الله وعونه.
ومع هذا الاستشعار العظيم لمعية الله، تتطور الأفكار، وتعالج المشكلات، وتبارك الأعمال، بالتعاون المثمر والنقد البناء والجد والنقاء، والألفة والأخوة، وهذا ما كان يشير إليه الإمام البنا -رحمه الله- حين علَّم الدعاة هذه الكلمات النافعات: "اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك، والتقت على طاعتك، وتوحدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك، فوثّق اللهم رابطتها، وأدم ودّها، واهدها سبلها، واملأها بنورك الذي لا يخبو، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك، وجميل التوكل عليك، وأحيها بمعرفتك، وأمتها على الشهادة في سبيلك، إنك نعم المولى ونعم النصير".
وإنه لحري بالداعية أن يحفظ هذا الدعاء الملهم، الذي يعبّر عن صدق الدعوة، وحسن التوجه. يذكر الشيخ يوسف القرضاوي -حفظه الله- أيام سجنه مع مجموعة من المعتقلين من الإخوان المسلمين في مصر، وهم في حالة محنة شديدة، وبلية عصيبة قوله: "لا زلت أذكر دعوات إمامنا في صلاة الليل شيخنا محمد الغزالي -رحمه الله- ونحن في السجن، وهو يدعو ربه قائلاً: "اللهم فكّ بقوتك أسرنا، واجبر برحمتك كسرنا، وتولَّ بعنايتك أمرنا، اللهم استر عوراتنا، وآمّن روعاتنا..." . فياليت الدعاة اليوم يضفون على مجالسهم مثل هذه النفحات الإيمانية والدعوات النورانية لعل الله يرحمهم برحمته، وينفع المسلمين بأعمالهم المباركة.
1 التعليقات:
جزاكم الله خيرا يا أستاذ محمد ، مقال رائع وفعلا فالدعاة يحتاجون إلى التوفيق بين العمل الإدارى والروحانيات والرقائق
إرسال تعليق