في معرض الكتاب ..حضرت الثقافة وغاب الكتاب !

اسلام اون لاين
نظم المسئولون بمعرض الكتاب عددا كبيرا من الندوات بجوار دور النشر والكتب وخياما للثقافة، وأخرى للفنون والإبداع كانت للكثيرين زادا يعوضهم ربما عن الكتاب، الذي يخشى هو نفسه أن يفقد يوما ما -لكثرة المنافسين- لقبه المعروف: "خير جليس".
ورق الكلينكس
كانت الندوة الأكثر سخونة والتي حملت عنوان: "أدب المدونين.. صرخات شباب أم ورق كلينكس؟" التي أدارها الأديب يوسف القعيد؛ حيث شهدت الندوة جدلا واسعا حول قيمة أدب المدونين، عندما اعترضت المدونة ميادة مدحت على إطلاق مصطلح "ورق الكلينكس" على كلام المدونات؛ حيث قالت: "نحن في الحالتين نصرخ لأننا في وطن يرضخ تحت الاستبداد، ولو كنا ورق «كلينكس» فنتمنى أن نمسح به عرق الغلابة، وليس مؤخرة الحكام..!!".
فيم عقب على كلامها القعيد، حيث قال: "أنا صاحب هذا التعبير، وهو ليس حكما أو موقفا من المدونات، ولكنه مجرد تساؤل، والندوة لا تحكم على هذه التجربة الوليدة، وإنما تطرح التساؤل حول قيمة ما يقدمه أصحابها".
بينما قالت غادة عبد العال صاحبة مدونة "عايزة أتجوز"، وهي المدونة التي قامت دار الشروق بإصدار طبعة ورقية لها في كتاب حمل نفس الاسم: "المدونات أعطتنا الفرصة الكاملة للتعبير عن أصواتنا ومشاعرنا وأفكارنا، بعد أن كنا نواجه منعا من الكلام في المدارس والجامعات وحتى داخل الأسرة".
بينما رأى الناقد شعبان يوسف أن عالم الإنترنت الافتراضي نشأ أساسا كتجليات لأزمة الديمقراطية الطاحنة في مصر، وأتاح التطور التكنولوجي للمدون أن يعبر عن نفسه بشكل واسع، ولكن نفس هذا العالم الافتراضي أدى إلى إشاعة نوع من الكفاح والنضال الافتراضي، وظهور أشخاص انطوائيين.
كما اعتبر يوسف أن إعادة إنتاج المدونات الإلكترونية في كتب من شأنها أن تؤثر على الأدب ذاته؛ مما قد يفرغه من طبيعته العميقة ويغرقه في السطحية.
انفجار هويات
بينما كانت ندوة "التنوع الثقافي والخصوصية" أبرز الندوات التي تميزت بجمهور كبير وحضرها د.مراد وهبة أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس، ود.جابر عصفور رئيس المركز القومي للترجمة، ووحيد عبد المجيد نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب.
في بداية الندوة تساءل د.عبد المجيد: "هل جاءت العولمة بجديد في مجال الثقافة؟ وكيف يمكن تفسير الانفجار الهائل في الهويات والعرقيات والمذهبية في عصر يُقال عنه إنه عصر العولمة؟ وهل ثورة الاتصالات تعمل على ترسيخ هوية واحدة، أم تعمل في اتجاه معاكس فتبرِز هويات لم تكن موجودة على السطح؟".
في بداية حديثه أكد د.مراد وهبة أن الحضارة البشرية قد انتقلت من "الفكر الأسطوري" إلى "الفكر العقلاني"، وأن الثقافات التي انتقلت بدورها من محيط الفكر الأسطوري إلى الفكر العقلاني لا تشعر بالدونية ولا بالهيمنة، بينما الثقافات التي رفضت أن تنتقل للعقلانية والعلمية وظلت متشبثة بالأسطورية -وعد وهبة ثقافات العالم الثالث منها- هي الثقافات المتخلفة والتي تشعر دوما بالخوف من الهيمنة.
وأضاف: "لا يوجد وهم اسمه الهيمنة الأمريكية، أو الهيمنة الأوروبية، ولن نخرج من دائرة التخلف ما دمنا نلتفت للعوامل الخارجية، ولم نلتفت للعوامل الداخلية".
بينما اعتبر الدكتور جابر عصفور أن العولمة مفهوم اقتصادي بالأساس تروج له الشركات المتعددة الجنسيات، تريد به القوى العظمى ومن ورائها هذه الشركات العملاقة أن تفتح أسواقا لها من خلال فرض ثقافة معينة عن طريق "كوكولة" العالم، أو فرض نموذج "العالم ماك" رابطا المصطلحين بالشركتين الأمريكيتين "كوكاكولا" و"ماكدونالدز".
وأكد عصفور على أن فرض هيمنة معينة على العالم بأكمله يعني الاستهتار بإنسانية وثقافات هذا العالم قائلا: "نعم كلنا ننتمي لكوكب واحد، لكن كل شعب مختلف عن الآخر، وإذا حدثت تلك الهيمنة بالفعل فسيكون المعنى واضحا.. أي استعمار أوروبي أو أمريكي".
الثقافة المصرية

بينما كانت ندوة "الصناعات الثقافية بين الخدمية والربحية" بعيدة قليلا عن عنوانها، راصدة من خلال حضورها ومداخلات جمهورها سبب تراجع الثقافة المصرية؛ حيث قال د.سعيد اللاوندي الكاتب والصحفي بمؤسسة الأهرام: إن الثقافة المصرية اليوم في حالة توعك، ولم تعد تتبوأ المكانة التي كانت تتبوأها من قبل، واعتبر أن انتشار التلفزيون والدش والإنترنت ساهم -برغم إيجابياته- في تأصيل ثقافة مغشوشة رسخت في أذهان الكثيرين.وأضاف اللاوندي أن الرموز الثقافية البارزة المصرية لم تعد موجودة، ونعى على الثقافة المصرية عدم تمثيلها للثقافة العربية في الغرب بخلاف ثقافات عربية أخرى أوجدت لها موطئ قدم، وهو ما يعني اضمحلال الثقافة المصرية بعد أن كانت لها الريادة طوال القرن الماضي.
وضرب د.سعيد اللاوندي أمثلة على هذا الوضع؛ حيث يقول: "مؤسسة الأهرام العريقة التي أعمل بها عندما يأتي إعلان فأول ما يتم هو إلغاء للصفحة الثقافية ووضع الإعلان مكانها، كما لا أخفيكم سرا أن الناقد الكبير سامي خشبة ورئيس القسم الثقافي بالأهرام قد مات كمدا حينما جعلت إدارة تحرير الأهرام صفحته الثقافية يومين في الشهر، ثم يوما، ثم لم تعد تظهر، واكتفوا بمقالة له أسبوعية سرعان ما أخروها المرة تلو الأخرى حتى مات متحسرا!".
وكانت هناك مداخلة من أحد الجمهور الذي اعتبر أن حالة الانحطاط السياسي التي تعيشها مصر ألقت بظلالها السوداء على كل المشاهد الأخرى، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، بل وحتى كروية وفنية، معتبرا أن القاطرة التي تتقدم الكل هي السياسة، وعزا تراجع دور مصر الثقافي إلى تحلل النظام السياسي المصري وعدم وجود رؤية أو قضية ما يعمل على تأصيلها أو تبنيها.
الكائن الثوري
كان المخرج المصري يوسف شاهين هو الحاضر الغائب في أكثر من ندوة فنية تكلمت عن حياته ومسيرته الفنية عبر شهادات مجموعة من الفنانين والنقاد والمنتجين، منها ندوة "يوسف شاهين.. مشوار وشهادات"، والتي استضافت الناقد سمير فريد، والممثل نور الشريف؛ حيث بدأ فريد بالحديث عن نشأة يوسف شاهين قائلا: "يوسف شاهين ابن جيل الأربعينيات الذي يعد عصر ازدهار ثقافي كبير، كما أنه ولد في مدينة الإسكندرية تلك المدينة التي تعد رمزا لكل الثقافات والأديان والأعراف".
وأضاف: "شاهين درس في جامعة فيكتوريا؛ حيث درس بها مسرح شكسبير المدرسة الأساسية للتمثيل"، واستطرد قائلا: "تميز يوسف شاهين باختلاف نهاياته عن المخرجين الآخرين، وكان يعتبر أن العمل هو الدافع للحياة، وهذا ظهر عندما لم تمنعه الشيخوخة والمرض، عندما كان يصور آخر أفلامه بين العناية المركزة والأستوديو، واستعانته بالمخرج خالد يوسف في فيلمه "هي فوضى".وبدأ نور الشريف قصته ومواقفه مع يوسف شاهين قائلا: "دور يوسف شاهين في السينما المصرية والعربية لن يلمس الآن، ولكن الأجيال القادمة سوف تشعر بذلك لاحقا، وإنني عملت مع شاهين في فيلم مدته 11 دقيقة عن أحداث 11 سبتمبر، ولكنه عرض فقط في نقابة الصحفيين، وأنا كان حلم حياتي أن أعمل مع يوسف شاهين بالرغم من عملي مع الكثير من المخرجين الكبار ونلت الجوائز معهم".
يضيف نور: جاء "فيلم المصير"، وكان مصرا أن يقوم بدور ابن رشد وأنا أقوم بالخليفة إلى أن أقنعته بألا يقوم به؛ لأن الإخراج والتمثيل معا سيكونان مرهقين، وبعد فيلم "إسكندرية ليه" قلت له هل تشعر بأنك ستموت؟ فقال نعم، وسألني: لماذا؟ فقلت: لأنك طوال الفيلم تحكي قصصا كثيرة، وفي نهاية الفيلم جئت وانتقدت أمريكا، فأجاب: لأنني أريد أن أناقش كل قضايا الكون قبل أن أموت، وأصبح شاهين مهموما بأن يقول رأيه في كل شيء، خاصة بعد أن أصبح عالميا، وكان يصف نفسه بأنه "كائن ثوري".
شاهين...
وكانت الندوة الأخرى التي حملت نفس الاسم "يوسف شاهين.. مشوار وشهادات"، والتي حضرها المخرج خالد يوسف، ولبلبة، والمنتج جابي خوري، والناقدة ماجدة موريس.
حيث أشارت الممثلة لبلبة في الحديث إلى أن المخرج يوسف شاهين اكتشفها من جديد، وعلمها الكثير، فتقول: "شاهين أول من علمني قراءة النص بالكامل، وليس قراءة دوري فقط، كما نصحني بالابتعاد عن التلفزيون وقال لي: التخصص هو النجاح، ولا تسيئي إلى موهبتك؛ فعمل مسلسل دون دراسة جيدة للعمل كله هو خطوة غير محسوبة العواقب".
من جهة أخرى تحدث المخرج خالد يوسف عن بداية معرفته بالمخرج يوسف شاهين وكيف شجعه شاهين ووجهه لدراسة الإخراج السينمائي عندما كان طالبا في كلية الهندسة بالقاهرة، وأكد خالد يوسف على أن التلفزيون المصري استمر في منع عرض أفلام يوسف شاهين لسنوات جاوزت العشرين؛ نظرا لمواقف شاهين السياسية، ويضيف خالد قائلا: "لم يتم عرض أفلام شاهين إلا بعد فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان "كان"، وتصريح شاهين في لقاء تلفزيوني مباشر له أن أفلامه ممنوعة من العرض، حينها وضع المسئولين في التلفزيون تحت الأمر الواقع، وبدأ عرض أفلام شاهين، وتحقق حلم شاهين في التواصل مع جمهوره من خلال الشاشة الصغيرة، وذلك قبل الدخول الحقيقي في عصر الفضائيات".
بينما تحدث المنتج جابي خوري عن خبرة شاهين كمخرج؛ حيث أشار إلى أن خبرة شاهين ودقته في العمل كانت أهم العوامل التي كانت توفر مثلا في إنتاج أفلامه، مشيرا إلى أن أكثر فيلم استخدم فيه شاهين "علب" أفلام الخام كان فيلم "المهاجر" ووصل إلى 220 علبة بالمقارنة مع غيره من المخرجين الذين يستخدمون ما يقرب من 400 إلى 500 علبة في الفيلم الواحد؛ لذا خبرته كانت تريح أي منتج يعمل معه.

1 التعليقات:

رفيدة الصفتي on الأحد, فبراير ٠٨, ٢٠٠٩ ٦:٣٤:٠٠ م يقول...

جزاكم الله خيرا على النقل الطيب

سلمت اناملكم :)

 

اخوان دار العلوم Copyright © 2009 WoodMag is Designed by Ipietoon for Free Blogger Template

') }else{document.write('') } }