نظام لا يستحق الفوز


بقلم : إسلام توفيق


على الرّغم من حزني بسبب عدم تأهل المنتخب المصري لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010م، إلا أنّه بمجرد انتهاء المباراة انتابني شعور بالارتياح لعدم كتابة هذا الحدث المهم في التاريخ باسم "هذا النظام المصري الفاسد".

فأثناء متابعتي للمباراة أمس جرى في خيالي مانشتّات الصحف وخاصة الحكومية، والتي كانت ستمطر القيادة السياسية نفاقًا ووصفًا بأنّها الحكيمة والرشيدة، التي استطاعت بخبرتها وقوتها وتخطيطها و.. و.. أن تَخرج بالمنتخب المصري من عثرة خسارته السابقة، واستطاعت أن تنال شرف الوصول لكأس العالم!.

وصراحة أبت نفسي أن ترى مثل هذه المانشتّات، خاصةً أن القيادة السياسية هي نفسها التي أفسدت الحياة على المواطنين، وهي نفسها السبب في البطالة وارتفاع الأسعار، وهي نفسها المسئولة عن انتشار معدلات الجريمة وارتفاع نسبتها.

رغم حزني بسبب الخسارة إلا أنني فرحت في القيادة السياسية والنظام الذي خسر في المواجهة السياسية، ولم يستطع حماية مواطنيه في الخارج سواء بالجزائر أو بفرنسا، كما فرحت في الحزب الحاكم الذي طارت قياداته إلى السودان لحضور المباراة للرجوع بالنصر ونسبته إلى أنفسهم.

فرحت في النظام والحكومة التي فشلت في كل شيء حتى "اللعب"، ولم تستطع أن ترسم ولو بسمة صغيرة على وجوه الشعب المصري.

رغم حزني بسبب الخسارة، إلا أنني فرحت في رجال الأعمال الذين وعدوا بالملايين للاعبين والجهاز الفني، والتي لم تخرج آلافهم لنصرة المسجد الأقصى، أو لرفع الحصار عن شعب غزة المحاصر.

فرحت في المئات من الإعلاميين والفنانين والممثلين الذين لم نسمع لهم صوتًا في حرب غزة الأخيرة، ولم يذرف أحد منهم دمعة على الآلاف من الشهداء المدنيين، ووجدناهم في المدرجات المصرية بالسودان يحرقون دماءهم على "شوطة" و"كورة" ولعبة"!.

فرحت في الجهاز القومي للرياضة والاتحاد المصري لكرة القدم اللذين تعاملا مع المباراة الفاصلة وكأنّها مضمونة، وذهبا إلى الخرطوم وتركا الاحتفالات بالنصر في القاهرة، ونسيا أن كرة القدم لا تعرف التاريخ، كما قالوا عندما فازت مصر على بطل العالم "إيطاليا" في كأس العالم للقارات.

كما شعرت بفرح ممزوج بحسرة، في ملايين المصريين الذين تناسوا مشكلاتهم واحتياجاتهم ومتطلباتهم وخرجوا للبحث عن فرحة منقوصة وفرحة وقتية، فتغاضوا عن الأزمات الكبيرة التي يعانون منها؛ بحثًا عن الفرح الزائف.

مع كل هذا، حزنت لدمعة طفلة صغيرة لا تعرف شيئًا، رأيتها على الشاشة تبكي على ضياع حلم حاول أبواها أن يعيِّشاها فيه خلال الأيام الأربعة الماضية، وحزنت أكثر لحال أمة عربية وإسلامية واحدة بها هذا التعصب الأعمى على "لعبة" زائفة، وكم كنت أتمنى أن أرى هذا التعصب عندما اقتحم الصهاينة المسجد الأقصى، أو أن أرى فتح الحدود والتعبئة العامة والجسور الجوية لفلسطين لرفع الحصار عن غزة وتحرير المسجد الأقصى.

يعلم الله أنني لا أشمت في المنتخب المصري ولا شعبنا المصري، بل أشمت في هذا النظام الذي لا يعرف إلا نفسه، ولا يبحث إلا عن مصلحته الشخصية ومصلحة رجاله، والذي أتمنى أن يرحل، وأنا سأكون أول من يكسر وراءه ليس "قُلة" ولكن "زير" كبير.

أخيرًا.. لقد بات قدرًا على الشعب المصري ألا يفرح في ظل هذا النظام، وليس للنظام أن ينال شرف التأهل لنهائيات كأس العالم، وليس لهما أن يتحدّثا مرة أخرى عن الوطنية وحب البلاد؛ طالما فرّطا معًا في حلميهما بممارستهما.

0 التعليقات:

 

اخوان دار العلوم Copyright © 2009 WoodMag is Designed by Ipietoon for Free Blogger Template

') }else{document.write('') } }