رسالة من محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، وبعد..
فلقد خطَّط أعداء الأمة العربية والإسلامية من الصهاينة وأعوانهم في الشرق والغرب منذ أكثر من قرن من الزمان لاغتصاب أرض فلسطين وتشريد أبنائها، وقد تحقَّق لهم ذلك بفعل المؤامرات وضَعف الحكام والأنظمة وغياب الوعي عن الأمة وانتشار الجهل والفقر والعجز بين أبنائها كما سبق أن بيَّنَّا في مقالنا الأول، ولكن الصحوة الإسلامية التي انبعثت كنورٍ جديدٍ سرى في هذه الأمة وجعل الحياة تدبُّ فيها من جديد، وتحرَّكت المقاومة على أرض فلسطين ضد العصابات الصهيونية بعد إعلان وعد بلفور المشئوم بسنوات قليلة (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الحج: 39).
وفي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، ومع شدة وهول موجات الضغط الصهيوني المدعوم من العالم، هبَّ أبناء فلسطين للدفاع عن أنفسهم، وظهرت كتائب عز الدين القسام، وحاولوا بكل ما يملكون من إمكانات التصديَ للغزوة الهمجية البربرية الصهيونية، وسالت الدماء الزكية على أرض الإسراء والمعراج.
بدأت كتيبة الشهداء، ولكن حجم المؤامرة الدولية كان أكبر، وطُرد معظم أبناء فلسطين إلى خارجها، ومُكِّن الظالمون- وبقيادة عصبة الأمم التي توجِّهها أمريكا وحلفاؤها الصهاينة- من أرض فلسطين، وأعلنوا قيام دولة لهم في 15/5/1948م، وكانت النكبة وصمة عار فى جبين مَن يزعمون أنهم دعاة الحرية وحقوق الإنسان، فأين هذه الحرية؟! وأين تلك الحقوق؟!.. لا مكانَ لهذه ولا لتلك إلا بالمقاومة والتضحية.
وللحرية الحمراء باب بكل يد مُضرَّجة يُدقُّ
وعبثًا وبدون جدوى حاول الصهاينة إخفاء معالم جريمتهم المستمرة، فغيَّروا أسماء القرى والمدن، وأنشئوا تجمُّعات استيطانية لإيواء قطعان الهمج الصهاينة المهاجرة إلى فلسطين، وأقاموا المصانع والمؤسسات والحصون، واستعانوا بتكنولوجيا وأموال ودعم الغرب، وحصلوا على كل أنواع السلاح (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللهِ فَأَتَاهُمْ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) (الحشر: من الآية 2).
ونشأت أجيال جديدة من داخل فلسطين وفي مخيمات اللاجئين، ورغم المحرقة والمجازر ودير ياسين وصابرا وشاتيلا وغيرها، لم تَمُت الأمة بفضل الله ورعايته، وانطلقت موجات جديدة عاتية من المقاومة تقتلع جذور الصهاينة، وإنهم بحول الله وقوته لفاعلون.
وهذا هو طريق التحرير.. المقاومة والصبر والثبات: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء: 104)، ولقد ظهر ذلك واضحًا جليًّا خلال العشرين عامًا الماضية؛ حيث تزداد الانتفاضة وتتسع يومًا بعد يوم، ويرتفع صوت المقاومين ويحفرون خنادقهم على أرضهم ويدافعون بأجسادهم عن عقيدتهم ووطنهم وأطفالهم ونسائهم، ويجبرون العالم كله على الاستماع بل والإنصات لطلقات الحقِّ وصواريخ الجهاد لتحرير أرضهم فلسطين.
وتقف المقاومة اليوم في خندق الحق والعدل والحرية، وتقدِّم الشهداء والتضحيات فى سبيل عقيدتهم وأرضهم وأمتهم، وتقض مضاجع الصهاينة وأعوانهم ومن يدعمهم ويتعاون معهم، وتقدِّم القدوة للأمة كلها، وتنادي بأعلى صوتٍ فيها: "يا أمة الحق والخير هُبِّي؛ فلن يضيع حقٌّ وراءه مجاهد، وإنه لجهاد.. نصر أو استشهاد، وإنها لإحدى الحسنيين".
وعلى الأمة واجباتٌ تجاه أرض الإسراء والمعراج وتجاه المسجد الأقصى الذي يدنِّسه الصهاينة، وأبرز هذه الواجبات دعم المقاومة بكل سبل الدعم، وفي هذا الصدد فإننا نؤكِّد النقاط التالية اللازمة لإتمام مسيرة التحرير إلى منتهاها:
1- إن تحرير أرض فلسطين واجبٌ مقدَّس على الأمة بأسرها، ومسئولية شرعية وقومية، ولن يكون ذلك بإضاعة الوقت فيما يُعرف بالمفاوضات؛ فإن الصهاينة- وقد أثبتت التجارب ذلك- لا عهد لهم ولا ذمة (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (البقرة: 100)، وإنما بالمقاومة، والمقاومة فقط.
2- إن تحرير أرض فلسطين يمثِّل- فضلاً عن إعادة الحق لأصحابه- حمايةً للأمن القومي العربي والإسلامي لكل دول المنطقة؛ لأن المشروع الصهيوني يستهدف التوسُّع والتمدُّد في المنطقة بأسرها ما استطاع الصهاينة إلى ذلك سبيلاً.
3- إن تحرير فلسطين يمثِّل استقرارًا وتنميةً شاملةً وحقيقيةً لكل دول المنطقة؛ لأن العدو الصهيوني يعمل- وبمعاونة كاملة ودعم مستمر من أمريكا- على امتصاص كل طاقات الأمة، بل ودمائها، وما أدل على ذلك من حصوله على الغاز المصري بثمنٍ بخسٍ رغم حاجة المصريين الشديدة إليه وإلى ثمنه.
4- إن تحرير فلسطين يبعث في الأمة روحها الحقيقية لتمتلك إرادتها وتقاوم الفساد والمفسدين فيها، وتقف في وجه أعدائها والظالمين من حكَّامها، وتجبر هؤلاء جميعًا على احترامها والنزول على رغبتها في الإصلاح، وفي أن تعيش حياةً كريمةً أو أن يرحلوا عنها.
5- إن تحرير فلسطين يجمع الأمة ويوحِّدها ويبرز أهمية وقيمة مشروعها الحضاري الإسلامي، ويُظهر لأبنائها المعنى الحقيقي لكونها خير أمة أخرجت للناس.
6- إن تحرير فلسطين يصل شرق الأمة بغربها، وجنوبها بشمالها، فتتكامل وتتواصل وتتوحَّد وتستفيد من مواردها الطبيعية، كالبترول والمواد الخام والمياه، ومن مواردها البشرية، ومن تنوُّع مناخها وخصوبة أراضيها.
7- إن تحرير فلسطين يقدِّم للشعوب والأمم، وقبلهم شعوب المنطقة، النموذج والمثال الحي لانتصار الحق وأهله على الباطل وحزبه مهما طال الزمن وعظمت التضحيات (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: 146).
8- على الأمة كلها أن تُدرك أن طريق التحرير شاقٌّ وطويل ومحفوف بالتضحيات، ولكنه الطريق الذي سار عليه كل المخلصين من أبناء هذه الأمة الذين رفعوا أسلحتهم في وجه المعتدين والمستعمرين لبلادهم وأوطانهم وصبروا على ذلك وانتصروا وتحقَّق لهم ما أرادوا وعاشوا أعزَّة واندحر أعداؤهم وتولَّوا (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ(46)) (القمر).
من أجل كلِّ ما تقدَّم فإن واجبات الأمة كثيرة ومتعددة وضرورية لدعم المقاومة والمقاومين ضد الصهاينة وحزبهم وذويهم في الخارج والداخل، وهذه الواجبات تتمثَّل فيما يلي: أولاً: إحياء البُعد العقائدي بين أبناء الأمة؛ لأن الصهاينة يحاربوننا بعقيدتهم- وإن كانت فاسدة- لينشأ جيل يتواصل مع الآباء والأجداد في التصدي للغاصب المحتل.
ثانيًا: نشر الوعي والفهم الصحيح تجاه أصل القضية، وهو أنَّ العدو الصهيوني كيان غاصب محتلٌّ لأرض فلسطين؛ أرض العروبة والإسلام، وأنه لا خيارَ إلا المقاومة بكل أشكالها لتحرير الأرض وتطهير المقدَّسات.
ثالثًا: الإدراك الصحيح لطبيعة العدو الصهيوني الاستئصالية، ورفض كلِّ صور التعامل والتطبيع معه؛ لأن هذا العدو شرٌّ كله.
رابعًا: مقاطعة كلِّ البضائع التي تأتي من العدو أو من حلفائه وأعوانه، ومقاطعة وفضح كلِّ من يتعامل أو يتاجر في هذه البضائع بكل أنواعها.
خامسًا: إعلان الرفض الشعبي العام والمستمر لمعاهدات السلام مع هذا العدو الذي لا يعرف سلامًا ولا يريد لنا أمنًا ولا استقرارًا، وكذلك فضح ورفض الوقوف ضد المطبِّعين والمهرولين والمهنئين لهذا الكيان المغتصب المجرم.
سادسًا: التبرُّع لأبناء فلسطين وإعلان الدعم المستمر لهم ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً؛ فالعدو يعمل على حصارهم وتجويعهم، وعلينا نحن واجبُ كسر هذا الحصار ومدِّ يد العون لإخواننا، فلا حصار بعد اليوم لـ"غزة" أو للضفة أو لغيرهما ما دمنا مصرِّين على دعمهم والوقوف معهم.
سابعًا: استمرار وزيادة الضغوط الشعبية على الأنظمة الموجودة في المنطقة للتحرُّك لنصرة أهل فلسطين ونجدتهم وإغاثتهم وتمكينهم من حقوقهم، وفي مقدِّمتها حق العودة، وهو حقٌّ إنساني يتفق وكل المعاهدات والمواثيق والأعراف الدولية.
وكلمة أخيرة نقولها للمقاومين الشرفاء: أيها الأحباب.. اثبتوا واصبروا وصابروا ورابطوا، ولا تهنوا في ابتغاء الصهاينة، واعلموا أن الله معكم ولن يَتِرَكم أعمالكم، وأن النصر مع الصبر، ونحن- بعد الله- معكم؛ ندعمكم بكل الوسائل المتاحة.
والله مولاكم، والصهاينة وأولياؤهم لا مولى لهم، فنعم المولى ونعم النصير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، وبعد..
فلقد خطَّط أعداء الأمة العربية والإسلامية من الصهاينة وأعوانهم في الشرق والغرب منذ أكثر من قرن من الزمان لاغتصاب أرض فلسطين وتشريد أبنائها، وقد تحقَّق لهم ذلك بفعل المؤامرات وضَعف الحكام والأنظمة وغياب الوعي عن الأمة وانتشار الجهل والفقر والعجز بين أبنائها كما سبق أن بيَّنَّا في مقالنا الأول، ولكن الصحوة الإسلامية التي انبعثت كنورٍ جديدٍ سرى في هذه الأمة وجعل الحياة تدبُّ فيها من جديد، وتحرَّكت المقاومة على أرض فلسطين ضد العصابات الصهيونية بعد إعلان وعد بلفور المشئوم بسنوات قليلة (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الحج: 39).
وفي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، ومع شدة وهول موجات الضغط الصهيوني المدعوم من العالم، هبَّ أبناء فلسطين للدفاع عن أنفسهم، وظهرت كتائب عز الدين القسام، وحاولوا بكل ما يملكون من إمكانات التصديَ للغزوة الهمجية البربرية الصهيونية، وسالت الدماء الزكية على أرض الإسراء والمعراج.
بدأت كتيبة الشهداء، ولكن حجم المؤامرة الدولية كان أكبر، وطُرد معظم أبناء فلسطين إلى خارجها، ومُكِّن الظالمون- وبقيادة عصبة الأمم التي توجِّهها أمريكا وحلفاؤها الصهاينة- من أرض فلسطين، وأعلنوا قيام دولة لهم في 15/5/1948م، وكانت النكبة وصمة عار فى جبين مَن يزعمون أنهم دعاة الحرية وحقوق الإنسان، فأين هذه الحرية؟! وأين تلك الحقوق؟!.. لا مكانَ لهذه ولا لتلك إلا بالمقاومة والتضحية.
وللحرية الحمراء باب بكل يد مُضرَّجة يُدقُّ
وعبثًا وبدون جدوى حاول الصهاينة إخفاء معالم جريمتهم المستمرة، فغيَّروا أسماء القرى والمدن، وأنشئوا تجمُّعات استيطانية لإيواء قطعان الهمج الصهاينة المهاجرة إلى فلسطين، وأقاموا المصانع والمؤسسات والحصون، واستعانوا بتكنولوجيا وأموال ودعم الغرب، وحصلوا على كل أنواع السلاح (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللهِ فَأَتَاهُمْ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) (الحشر: من الآية 2).
ونشأت أجيال جديدة من داخل فلسطين وفي مخيمات اللاجئين، ورغم المحرقة والمجازر ودير ياسين وصابرا وشاتيلا وغيرها، لم تَمُت الأمة بفضل الله ورعايته، وانطلقت موجات جديدة عاتية من المقاومة تقتلع جذور الصهاينة، وإنهم بحول الله وقوته لفاعلون.
وهذا هو طريق التحرير.. المقاومة والصبر والثبات: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء: 104)، ولقد ظهر ذلك واضحًا جليًّا خلال العشرين عامًا الماضية؛ حيث تزداد الانتفاضة وتتسع يومًا بعد يوم، ويرتفع صوت المقاومين ويحفرون خنادقهم على أرضهم ويدافعون بأجسادهم عن عقيدتهم ووطنهم وأطفالهم ونسائهم، ويجبرون العالم كله على الاستماع بل والإنصات لطلقات الحقِّ وصواريخ الجهاد لتحرير أرضهم فلسطين.
وتقف المقاومة اليوم في خندق الحق والعدل والحرية، وتقدِّم الشهداء والتضحيات فى سبيل عقيدتهم وأرضهم وأمتهم، وتقض مضاجع الصهاينة وأعوانهم ومن يدعمهم ويتعاون معهم، وتقدِّم القدوة للأمة كلها، وتنادي بأعلى صوتٍ فيها: "يا أمة الحق والخير هُبِّي؛ فلن يضيع حقٌّ وراءه مجاهد، وإنه لجهاد.. نصر أو استشهاد، وإنها لإحدى الحسنيين".
وعلى الأمة واجباتٌ تجاه أرض الإسراء والمعراج وتجاه المسجد الأقصى الذي يدنِّسه الصهاينة، وأبرز هذه الواجبات دعم المقاومة بكل سبل الدعم، وفي هذا الصدد فإننا نؤكِّد النقاط التالية اللازمة لإتمام مسيرة التحرير إلى منتهاها:
1- إن تحرير أرض فلسطين واجبٌ مقدَّس على الأمة بأسرها، ومسئولية شرعية وقومية، ولن يكون ذلك بإضاعة الوقت فيما يُعرف بالمفاوضات؛ فإن الصهاينة- وقد أثبتت التجارب ذلك- لا عهد لهم ولا ذمة (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (البقرة: 100)، وإنما بالمقاومة، والمقاومة فقط.
2- إن تحرير أرض فلسطين يمثِّل- فضلاً عن إعادة الحق لأصحابه- حمايةً للأمن القومي العربي والإسلامي لكل دول المنطقة؛ لأن المشروع الصهيوني يستهدف التوسُّع والتمدُّد في المنطقة بأسرها ما استطاع الصهاينة إلى ذلك سبيلاً.
3- إن تحرير فلسطين يمثِّل استقرارًا وتنميةً شاملةً وحقيقيةً لكل دول المنطقة؛ لأن العدو الصهيوني يعمل- وبمعاونة كاملة ودعم مستمر من أمريكا- على امتصاص كل طاقات الأمة، بل ودمائها، وما أدل على ذلك من حصوله على الغاز المصري بثمنٍ بخسٍ رغم حاجة المصريين الشديدة إليه وإلى ثمنه.
4- إن تحرير فلسطين يبعث في الأمة روحها الحقيقية لتمتلك إرادتها وتقاوم الفساد والمفسدين فيها، وتقف في وجه أعدائها والظالمين من حكَّامها، وتجبر هؤلاء جميعًا على احترامها والنزول على رغبتها في الإصلاح، وفي أن تعيش حياةً كريمةً أو أن يرحلوا عنها.
5- إن تحرير فلسطين يجمع الأمة ويوحِّدها ويبرز أهمية وقيمة مشروعها الحضاري الإسلامي، ويُظهر لأبنائها المعنى الحقيقي لكونها خير أمة أخرجت للناس.
6- إن تحرير فلسطين يصل شرق الأمة بغربها، وجنوبها بشمالها، فتتكامل وتتواصل وتتوحَّد وتستفيد من مواردها الطبيعية، كالبترول والمواد الخام والمياه، ومن مواردها البشرية، ومن تنوُّع مناخها وخصوبة أراضيها.
7- إن تحرير فلسطين يقدِّم للشعوب والأمم، وقبلهم شعوب المنطقة، النموذج والمثال الحي لانتصار الحق وأهله على الباطل وحزبه مهما طال الزمن وعظمت التضحيات (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: 146).
8- على الأمة كلها أن تُدرك أن طريق التحرير شاقٌّ وطويل ومحفوف بالتضحيات، ولكنه الطريق الذي سار عليه كل المخلصين من أبناء هذه الأمة الذين رفعوا أسلحتهم في وجه المعتدين والمستعمرين لبلادهم وأوطانهم وصبروا على ذلك وانتصروا وتحقَّق لهم ما أرادوا وعاشوا أعزَّة واندحر أعداؤهم وتولَّوا (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ(46)) (القمر).
من أجل كلِّ ما تقدَّم فإن واجبات الأمة كثيرة ومتعددة وضرورية لدعم المقاومة والمقاومين ضد الصهاينة وحزبهم وذويهم في الخارج والداخل، وهذه الواجبات تتمثَّل فيما يلي: أولاً: إحياء البُعد العقائدي بين أبناء الأمة؛ لأن الصهاينة يحاربوننا بعقيدتهم- وإن كانت فاسدة- لينشأ جيل يتواصل مع الآباء والأجداد في التصدي للغاصب المحتل.
ثانيًا: نشر الوعي والفهم الصحيح تجاه أصل القضية، وهو أنَّ العدو الصهيوني كيان غاصب محتلٌّ لأرض فلسطين؛ أرض العروبة والإسلام، وأنه لا خيارَ إلا المقاومة بكل أشكالها لتحرير الأرض وتطهير المقدَّسات.
ثالثًا: الإدراك الصحيح لطبيعة العدو الصهيوني الاستئصالية، ورفض كلِّ صور التعامل والتطبيع معه؛ لأن هذا العدو شرٌّ كله.
رابعًا: مقاطعة كلِّ البضائع التي تأتي من العدو أو من حلفائه وأعوانه، ومقاطعة وفضح كلِّ من يتعامل أو يتاجر في هذه البضائع بكل أنواعها.
خامسًا: إعلان الرفض الشعبي العام والمستمر لمعاهدات السلام مع هذا العدو الذي لا يعرف سلامًا ولا يريد لنا أمنًا ولا استقرارًا، وكذلك فضح ورفض الوقوف ضد المطبِّعين والمهرولين والمهنئين لهذا الكيان المغتصب المجرم.
سادسًا: التبرُّع لأبناء فلسطين وإعلان الدعم المستمر لهم ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً؛ فالعدو يعمل على حصارهم وتجويعهم، وعلينا نحن واجبُ كسر هذا الحصار ومدِّ يد العون لإخواننا، فلا حصار بعد اليوم لـ"غزة" أو للضفة أو لغيرهما ما دمنا مصرِّين على دعمهم والوقوف معهم.
سابعًا: استمرار وزيادة الضغوط الشعبية على الأنظمة الموجودة في المنطقة للتحرُّك لنصرة أهل فلسطين ونجدتهم وإغاثتهم وتمكينهم من حقوقهم، وفي مقدِّمتها حق العودة، وهو حقٌّ إنساني يتفق وكل المعاهدات والمواثيق والأعراف الدولية.
وكلمة أخيرة نقولها للمقاومين الشرفاء: أيها الأحباب.. اثبتوا واصبروا وصابروا ورابطوا، ولا تهنوا في ابتغاء الصهاينة، واعلموا أن الله معكم ولن يَتِرَكم أعمالكم، وأن النصر مع الصبر، ونحن- بعد الله- معكم؛ ندعمكم بكل الوسائل المتاحة.
والله مولاكم، والصهاينة وأولياؤهم لا مولى لهم، فنعم المولى ونعم النصير
0 التعليقات:
إرسال تعليق