لا شك أن ما يناله الإخوان من اهتمام إعلامي؛ سواء كان دفاعًا أو هجومًا عليهم يمثل جزءًا كبيرًا من الكعكة التي يتخاطفها الجهاز الإعلامى في مصر، وهي أحد أضلع مثلث إعلامي يسوق أي مطبوعة إعلامية منذ أكثر من 25 عامًا (الإخوان- الجنس- العنف)، وقد تسعد إحدى المطبوعات بتقديم توليفة تضم كل ذلك في عدد واحد؛ لكي يتم سحبه من السوق بأعداد كبيرة في وقت قصير!!.
اليوم؛ وقد بدأ موسم الهجوم على الإخوان بالحق والباطل، وهم في رأيي ليسوا فوق النقد والمساءلة؛ لكن النقد الموضوعي، والمساءلة الحريصة على استلهام الحق، والوقوف عنده بلا إسفاف أو تحريض أو كذب وتلفيق، وهو ما نفتقده عند إعلاميين كُثُر لا هدف لهم إلا تحقيق مصالحهم الخاصة، والصعود على جثث وسمعة وحقوق الإخوان!!.
وينسى هؤلاء أن الإخوان هم أبناء الشعب المصري الذي يدفع كثيرًا دون أن يأخذ أي مقابل، اللهم هموم الحصار والمطاردة والمصادرة، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة، ولو أرادوا سلطةً لوصلوا إليها من أقرب الطرق، ولو أرادوا نفوذًا لحصلوا عليه بأقل التضحيات.. حياء مفقود كرامة مهدرة تنازلات بلا أي اعتراض، استجابةً لكل مطلوب مهما كان.. تنفيذ التكليفات بلا مناقشة، خنوع وخضوع واستسلام بلا مراجعة، نفاق وتملق ومديح بلا حساب لمن لا يستحق.
تلك هي المؤهلات التي لا يجيدها الإخوان، بل كل الشرفاء المغضوب عليهم في مصر؛ حتى لو كان بعضهم من حظه أن انتمى للحزب الحاكم في دولة بوليسية بامتياز!!.
والثابت أن الإخوان صامدون أمام أشرس أنظمة الشرق الأوسط، وأعنفهم في تعامله مع معارضيه بغض النظر عن سلمية المعارضة أو عنفها!!، على الرغم من أنه يُواجه الشعبَ معارضةً ومستقلينَ وإخوانًا بقانون الطوارئ، في الوقت الذي يستقبل إرهابيين معتمدين بصفة رسمية في المنطقة، مثل: شارون ونتنياهو وليبرمان، وغيرهم من روث الصهاينة؛ لأن ذلك يحقق لأهل الحكم وزبانيته مصالح البقاء، والاستمرار في حكم مصر بالسرقة دون إرادة شعبها، ونهب ثرواتها من أرض وعقارات وغاز وبترول، وكل ما يمكن السيطرة عليه دون رقيب أو حسيب!!، وهنا افتضح النظام، فهو ليس صادقًا في محاربته للإرهاب، بل هو الذي يمارس الإرهاب والبلطجة على شعبه المطحون المسالم، وتزداد قسوته ضد من يقاوم ويعترض ويفضح سلوكه الشائن، وهو ما نجح فيه نواب الإخوان والمعارضة الشريفة في المجلس الموقر!!.
وهنا السؤال: لماذا كل هذا الغلِّ والعنف في التعدي على المعارضين وفي القلب منهم الإخوان؟، لماذا يموت شباب الإخوان وهم في السجون، كما حدث لثلاثين منهم في مذبحة طرة، وهم في الحبس الاحتياطي؟! مثل ما حدث للمهندس أكرم زهيري في مزرعة طرة، ويموتون وهم في الجامعات مثل ما حدث للطالب محمد السقا في جامعة الإسكندرية، وفي المساجد مثل ما حدث لطارق الغنام في طلخا، وفي مراكز الشرطة وأمن الدولة مثل ما حدث للمهندس مسعد الروبي في مقر أمن الدولة بالجيزة، لماذا؟!، لا أحد يجيب لا تسمع إلا صدى الصوت في الحياة الدنيا!!.
ثم لماذا يتم التعذيب وإحداث عاهات لرجال محترمين لا شبهة عليهم، محبوبون في أوساط معارفهم وعائلاتهم؟! مثل ما حدث للمهندس محمد عبد اللطيف الذي أصيب بشلل رباعي بعد كسر فقرة عنقه أمام أبنائه وزوجته، وما زال هو طريح الفراش، وما زال المجرم ضابط الشرطة طليقًا يمارس إجرامه وشذوذ أفعاله بين أبناء الشعب في حماية نظام قرر الانتحار وسط شعبه، وهو في "العلالي" يمسك بيده حكم البلاد، ويتحكم في رقاب العباد، وينسى أن الظلم لا يدوم، وكما تدين تدان، وأن القادر على نصرة عباده حي قيوم لا ينام!!.
ثم ما حدث أخيرًا عند القبض على الإخوان من بيوتهم، وهو أمر اعتاد عليه الإخوان وهيئوا أنفسهم له ببساطة قد تذهل الضباط الشباب الذي ظنوا أنفسهم لا يقهرون، وأن أوامرهم لا ترد، وأنهم قد سيطروا على كل شيء بإرادتهم، وهم لا يدركون أنهم غلابة ضعفاء أمام المرض والهم الذي يركبهم من الإذلال الذي يمارسونه على أنفسهم، وفيما بينهم وأمام نفوس تدربت على مفاهيم خاطئة على أيدي أعداء الأمة في قبرص والصين وأمريكا، ولن ينفعهم عند الحساب وزير ظالم أو حاكم فاسد مستبد، هم عرايا إلا من تخلق بالأدب، وعلم أن الله يحاسب على مثقال ذرة من خير أو شر.
هؤلاء نسوا الله فأنساهم أنفسهم؛ فتجبروا وهجموا على منزل آمن في دمنهور، وبعد أن دخلوا بسلام كان هناك 25 رجلاً من خيرة الرجال في دمنهور أمام ثلة من الضباط الذين لن يذكرهم التاريخ إلا في خانة المعتدين الظالمين، وإذا بفارس بركات- وهو فارس رغم العجز البادي في قدمه من شلل الأطفال- يواجه الحملة بسؤال بديهي: هل هناك أمر ضبط وتفتيش؟، ولأنه لا يعرف أن هناك فعلاً أمر ضبط لكنه على بياض؛ حيث يتعذر معرفة أسماء الحاضرين، فلم يعجب الكلام الضابط المسئول، "وقاله أنت تاني"، ودفعه ناحية سور البلكون، فلم يتمالك فارس السيطرة على نفسه من شدة الدفع، فهوى من ارتفاع أربعة أدوار إلى أرض صلبة تحطم عظامه، وينجيه الله لأمر ما من موت محقق!!، ولا ندري ما شعور ذلك الضابط ورؤسائه لو أن أحدًا فعل ما فعل في أحد أبنائه!! لا شك أن ثأرًا وتنكيلاً وغضبًا سيملك عليه نفسه، وهو ما حدث لدى أهل فارس وإخوانه!!.
والسؤال ما زال مطروحًا: لماذا كل هذا الغل والعنف غير المبرر، وأنتم في بيوت أناس لم يمتنعوا مرة عن إلقاء القبض عليهم وصبروا واحتسبوا؟!! فلماذا العنف وأنت أمين على أداء المهمة في يسر ما دام أنه ليس هناك مقاومة مسلحة للجيش الذي تحتمون به؟!! حسبنا الله ونعم الوكيل!!.
"وأظن كفاية كده غباوة.. مصر لا تتحمل هذا الهوج والشذوذ لدى مؤسسة خرجت عن مهمتها الدستورية وإجراءتها القانونية؛ لتتشفى في معارضين لنظام سياسي فاشل!! لماذا تتحمل الشرطة مهمة الدفاع عنه والاعتداء على معارضية السلميين؟! إلى متى يا ظلمة؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم".
0 التعليقات:
إرسال تعليق