بقلم : سليمان الحكيم
لم يكن سوى القليل قد سمع بعد عن الشيخ الشعراوى حين كان الدكتور مصطفى محمود ملء السمع والبصر .. كان أول من لفت الأنظار إلى الحقائق العلمية التى تتضمنها بعض أيات القرىن الكريم .
وقبلها كان اهتمام مصطفى محمود شديدا بتأكيد إن القرآن نفسه حقيقة علمية .
ثم ظهر الشيخ الشعراوى ليبرع فى تفسير القرآن تفسيرا لفظيا أو كلاميا ، أى أنه كان يعتمد على معانى الألفاظ التى أوردها الله فى أيات قرآنه الكريم لتفسير ما غمض علينا منها ، ويغوص فى بحر اللغة العربية بحثا فيها عما يؤكد إيماننا بالله ربا وبالإسلام دينا وبالقرآن كتابا ومنهجا للحياة .
والفرق بين مصطفى محمود والشيخ الشعراوى هو الفرق بين ( الطبيب) و(الشيخ ) فالطبيب يستعمل المبضع والمشرط فى الجسد الذى يتعامل معه أما الشيخ فيستعمل القلب منطلقا منه إلى العقل ، وهكذا رأينا مصطفى محمود يبدأ بالشك لينتهى إلى الإيمان .. بينما ينطلق الشيخ الشعراوى من الإيمان منطلقا نحو الشك كهدف لتدميره . كان مصطفى محمود ينطلق من العقل إلى القلب . أما الشعراوى فكان ينطلق من القلب إلى العقل . وأذكر أن الدكتورة بنت الشاطىء لم تكن مقتنعة بالمنهج العلمى الذى يتبعه الدكتور مصطفى محمود لتفسير القرأن الكريم تفسيرا علميا .. فكتبت عدة مقالات فى صحيفة الأهرام دخلت بها فى سجال معه حول الحقائق العلمية التى يتضمنها القرآن الكريم .
فكانت ترى أنه لايصح أن ننظر إلى القران باعتباره كتابا فى الكيمياء والطبيعة والجيولجيا ، فالعلم متغير . والقرآن ثابت .
وماهو من العلم الأن يصبح غير علمى بعد سنوات ! ورأت الدكتورة بنت الشاطىء أنه علينا أن نفهم القرأن الكريم ونتعامل مع نصوصه كما كانيتعامل معها المسلم البدوى فى جزيرة العرب فى القرن السادس .
فقد أمن هذا الرجل بالقرآن الكريم ، وحارب من أجله فى مشارق الأرض ومغاربها . لنشر رسالته دون أن يكون ملما بحقائق الفيزياء او الكيمياء فى عصره . وقد رد الدكتور مصطفى محمود بأن العلم قد اصبح لدى البعض هو إلإله الجديد ، وأصبحت الكتب العلمية هى قرآن البعض وكتابه المقدس . كما أصبحت الحقائق العلمية هى اليات التى يؤمن بها الناس فى الغرب .. فكان على علماء الإسلام ومفكريه أن يؤكدوا أنه لا تعارض بين العلم والإيمان .
أو بين الفيزيقا والميتافيزيقا . وأنه إذا تمكن هؤلاء العلماء والمفكرون من اثبات أن بعض الحقائق التى توصل إليها العلم الحديث ، موجود لها اشارات واضحة فى القرآن الكريم تتنبأ بحدوثها . أو تبشر باكتشافها . فسوف نساعد على فض الاشتباك الدائر بين العلم وافيمان . ونقطع الطريق على كل مشكك فى أن الدين يتعارض مع التفكير العلمى ، أو أن العلم يمكن أن يحل محل الدين فى الاستحواز على اليقين والقدسية. وقد انتصر مصطفى محمود فى وجهة نظره التى كان يؤمن بها فى رؤيته للدين . ولم يكن هناك دليل على ذلك أكثر من الكتب التى تواترت فيما بعد ترويجا لحقبقة أن القرآن لايتعارض مع العلم بل يمكن اعتباره كتابا فى العلوم .
بل وفى البؤرة منها ، كما هو كتاباالدين أيضا فرأينا كتبا تتحدث عن الإعجاز العددى فى القرآن وكتابات آخرى كثيرة تتحدث عن حقائق علمية اشارت إليها أياته الكريمة . وفى مختلف مجالات العلم بدء من الجيولوجيا وانتهاء بالفيزياء والكيمياء والفلك وعلم الأجنة .. إلى غير ذلك من فروع العلم الحديث .
وأذكر أننى دخلت فى حوارات كثيرة مع مصطفى محمود حول أرئه وكتاباته وفى كل مرة كان يقنعنى بما يقتنع هو به واحيانا كنت أتركه وانا فى شك فى قناعاتى التى حملتها إليه وأنا اعتقد انها من المسلمات ..! رحم الله مصطفى محمود الذى جعل من أعماله وأفعاله مساويه لأقواله وافكاره ... ويا ليتنا مثله !!.
0 التعليقات:
إرسال تعليق